*استوعبنا ام لم نستوعبه فاقتلاع تمثال حافظ الاسد في دمشق هو ايذان ببدء مرحلة مختلفة ليس على مستوى سوريا بل ابعد ، واغلاق مرحلة امتدت عقود بكل مافيها من تصورات وخلافات وصراعات وتوافقات ومصطلحات ويمكن حتى حدود ؛ والدخول في ذات الوقت في مرحلة مختلفة تماما لا تُقاس دينامياتها واجنداتها ومكوناتها بالمراحل السابقة وتسارع تطورات الساحة الإقليمية والدولية تسير بديناميات متسارعة يديرها لاعبون كبار لاحداث تغييرات في منطقة الشرق الأوسط تضمن مصالحهم ومصالح حلفائهم فالمُثل والقيم والمبادئ والحقوق تاتي في ادنى سلم اولويات الصراع ، فهو صراع مصالح اولا وثانيا والى ما لانهاية.
الاذكياء السياسيون والاستراتيجيون هم من يستطيعون ان يضعوا قضيتهم/قضاياهم في أولويات كبار المتصارعين في الشرق الاوسط ويستغلون تسارع التطورات لتوظيفها ويقدمونها مصلحة عالمية استراتيجيا واقتصاديا..الخ واذا لم تستثمر القوة السياسية المحلية اجندات القوى الدولية الضاغطة وتستشعر القوى الفاعلة فيها وتضع قضيتها في سياق ذلك الصراع فانها ستظل تتحرك ببطء بل سيتجاوزها الطوفان فالرهان الشعبوي عامل محلي لكنه عامل لا يكفي وحده ولا يصل بقضيته الى نهايتها.
وكمثال ماجرى في سوريا
اذا نظرنا لما حدث في سوريا مؤخرا من تغييرات متسارعة فهي لم تفرضها العوامل الداخلية وعدالتها وقوة قضيتها فقط حيث ظلت الفصائل المسلحة ومن يدعمها تنتظر لسنوات الفرصة المناسبة التي فرضتها ظروف خارجية بعد ان تقاطعت مصالح الدول الكبرى وبعد المتغيرات التي شهدتها المنطقة جراء حرب غزة ولبنان ونتائجها ، وفي المقابل ظل البعض ومازالوا يصنّفون احمد الشرع المعروف بـ ابو محمد الجولاني بانه ارهاب ويظنون ذلك كفيل بالقضاء على مشروعه مع ان الرجل اثبت عمليا -للكبار الذين صنعوا الارهاب وصنفوه- ان لاعلاقة له بالارهاب وان فكره مختلف فقد قاد فصيل جهادي وانفصل عن تنظيم القاعدة منذ 13 عاماً، ودخل مع الظواهري في خلافات شديدة، تطورت الى مواجهات ضد داعش والبعض ما زالوا يريدونه ارهابياً لانهم مازالوا في شرنقة مصطلحاتهم ما يجب نستوعبه ان آخر ايقونات تلك المرحلة كان تمثال حافظ الاسد الذي استطاع بذكاء ان يضع مشروعه في السلة العروبية واليسارية والطائفية ولعب على كل المتناقضات الدولية والاقليمية خلال مرحلته التي صارت عبء محلي واقليمي ودولي والجولاني استقرأ تطورات الساحة الإقليمية والدولية ودينامياتها المتسارعة ومن يديرونها وقوتهم فوضع قضيته في سياق ضمن له نصر قضيته مع وجود بعد شعبي قوي داعم له