على مدى عقود، ظل الإخوان المسلمون في أوروبا يُراكمون بشكل سري المباني والمنازل والشقق والأراضي والمحلات وغيرها من العقارات التجارية، والهدف في رأي مراقبين بناء “صندوق حرب عقاري” يُمكّنهم من تمويل نشاطات الجماعة الإرهابية، حتى لا يعتمدوا على أموال دول أخرى إذا ساءت العلاقات معها. وكشف قرار وزارة الداخلية الفرنسية إبعاد الداعية الإخواني حسن إيكويسن في أغسطس (آب) الماضي بسبب تحريضه على الكراهية والعنف، ثروة عقارية المُتطرّف تزيد عن 2 مليون يورو لوحده، دون أقاربه. وعن الإمبراطورية المالية للإخوان في فرنسا وأوروبا للآلاف من أمثال إيكويسن، فضلاً عن تهرّبهم من مُطالبات ضريبية كبيرة، يقول الباحث في الإسلام السياسي محمد لويزي، المُنشّق عن إخوان المغرب، ومؤلف كتاب “لماذا تركت الإخوان المسلمين، عودة مُستنيرة إلى الإسلام اللاسياسي”، إنّ حسن إيكويسن وأبنائه، بنوا رأس مال مثير للاستغراب بالاستثمار في شراء وتأجير عشرات الشقق في شمال فرنسا، ورغم هذه الثروة، تمكن الإخواني لفترة طويلة من الظهور في صورة زاهد يعيش مُتواضعاً بينما كان يحصل على أموال التبرعات من أفراد ومؤسسات في الخارج ويغسل الأموال. هذه القضية أطلقت دعوات في فرنسا خاصة للتحقيق في غابة الإخوان المالية، فعلى مدى أكثر من 30عاماً تراكمت لدى جماعة الإخوان المسلمين في جميع أوروبا ثروات ضخمة، لذلك في إطار مشروع عالمي للهيمنة السياسية في المنطقة العربية عبر الدعم المالي لمؤيديهم. وحذر لويزي، في حوار مع شبكة “غلوبال ووتش أناليز” للدراسات الجيوسياسية ومكافحة التطرف والإرهاب، من تواطؤ كبير من بعض المسؤولين المحليين المنتخبين في عدد من البلدات الفرنسية، وذلك إما بسبب الجهل الحقيقي بالفرق بين الإسلام والإسلام السياسي، أو بدافع المصالح الخاصة، إذ يظن البعض أنه بكسب ود جماعة الإخوان المسلمين، فإنهم سيفوزون تلقائياً بأصوات الفرنسيين من أصول مسلمة في الانتخابات. ونبه إلى أن حلم حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ليس فقط إحياء خلافة إسلامية تُهيمن على الدول العربية والإسلامية، ولكن الغربية أيضاً. وأكد العضو السابق في حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية في المغرب، أن هدف الإخوان المسلمين في السنوات القادمة هو أن لا يكونوا في حاجة إلى الأموال من الدول الإسلامية، وستكون مواردهم الخاصة كافية. وتشير التقديرات الأولية إلى أنّ صندوق حربهم ضخم بالفعل. كما أن البيانات الرسمية للجهات الأمنية والمالية كشفت أن الجزء الأكبر من تمويل الإخوان في البلاد يأتي من داخل فرنسا نفسها، رغم الدعم المالي الخارجي الكبير. يُشار إلى أن وزارتي الداخلية والاقتصاد الفرنسيتين في 2022ـ أقامتا مجموعة عمل مُشتركة للتحكّم بشكل أفضل في الدوائر المالية المرتبطة بالجمعيات الدينية. وتسعى الحكومة الفرنسية إلى حرمان الإخوان المسلمين من الدخل المالي الكبير الذي يحصلون عليه بطرق مختلفة. وأطلقت وزارة الاقتصاد والمالية في فرنسا تحقيقات واسعة في مصادر تمويل الجمعيات الدينية والفكرية والمساجد التي تدعو إلى “إسلام انفصالي” في فرنسا خاصةً داخل المؤسسات المرتبطة بالإخوان المسلمين، لمحاربة الدوائر المالية السرية وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مُعتبرة أن المال هو عصب خطاب الكراهية والحرب الأيديولوجية للمنظمات الإسلاموية.