أستطيع تقسيم المجتمع البشري إلى ثلاثة مستويات أو مكونات، ولا أقول طبقات حتى لا يتم تصويري من دعاة الطبقية البغيضة، وذلك كالآتي:
*المستوى الأول:* الفلاسفة والمفكرون، هذه هي أعلى مستويات المجتمع الحديث علما وفكرا ورؤية، ويقع على عاتقها مسؤولية جسيمة، تتمثل في وضع الخطوط العريضة لبناء الدولة والمجتمع، إذ يُعتمد على أفكارها النيرة في حل المشاكل المجتمعية شديدة التعقيد، وتشييد العلاقات بين الشعوب والأمم والحضارات المختلفة، في أجواء تحفها السكينة والاطمئنان والود المتبادل.
*المستوى الثاني:* ويشتمل على المبدعين والباحثين ورجال الدين، وأساتذة الجامعات وأرباب الحكم، هذه الفئة مسؤولة عن تقديم معالجات مختلفة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحدث داخل المجتمع.
*المستوى الثالث:* ويشمل على العمال والحرفيين ورجال المال والأعمال، وموظفي الدولة الصغار والجند وعوام الناس، وتساهم هذه الفئة الواسعة بشكل واضح في عملية البناء والإنتاج.
تتكامل المستويات الثلاثة مع بعضها في أداء وظائفها في ظل تنسيق مباشر، لبناء مجتمع مزدهر وخال من القضايا والمشاكل الأهلية، وهو الشكل المعتمد في عدد من البلدان الناجحة.
أي خلل في التعاطي مع هذا التقسيم بتغييب دور أي من المستويات الثلاثة أو تهميشه، أو إسناده لغيره، ينجم عنه نتائج خطيرة، تبرز في ظهور النزاعات الأهلية، وتراجع فاعلية الدولة في إحتواء القضايا المختلفة: اجتماعية اقتصادية بيئية.
تقسيمنا للمجتمع بهذه الصورة لا يعني إعطاء أفضلية وامتيازات لمستوى اجتماعي بعينه عن غيره، وتجاوز للقواعد والقوانين المنظمة لحياة السكان، بل تقسيم الغرض منه تحديد إطار عام لقدرات أفراد المجتمع، وتوجيهها في سبيل تحقيق الأهداف الاجتماعية العامة.