يقترب عمري من الخامسة والستين وهناك من هو أكبر مني سنا وتعداني بسنوات عديدة…جميعنا لم تمر علينا سنوات عجاف كما مرت على شعبنا خلال سنوات هذه الحرب اللعينة الطويلة منذ عام ٢٠١٥م، وبصورة أكثر بشاعة وضراوة ووقاحة وحقدا ودناءة، خلال هذه السنوات وفي صيف هذا العام وجحيمه.
ما يحز في النفس ويثير الغضب حد الانفجار هو أن معاناة الناس من انقطاع الكهرباء والمياه والمرتبات في عدن وسائر محافظات الجنوب لا تنم عن شحة في الموارد أو بسبب كوارث طبيعية ، بل تتم بفعل فاعل.
هذا الفاعل الذي أتخذ من قطع أو تعطيل وحتى قصف هذه الخدمات سلاحا لمحاربة شعب حر أبي جبار يناضل بوسائل مشروعة من أجل حقه الشرعي في استعادة وبناء دولته المستقلة وعاصمتها عدن.
شعب رفض ويرفض كل المشاريع التي تستهدف الالتفاف على استحقاقاته الوطنية واطالة امد الحرب ، واستمرار نهب ثرواته ومقدراته وسياسات تجويعه المستمرة منذ يوم ١٩٩٤/٧/٧.
هذه السياسات اللعينة هي التي شجعت وحمت أعمال النهب والفساد التي طالت كل مفاصل الحياة والمجتمع والاخلاق والقيم.
شعب الجنوب لا يلام إن انفجر غضبا في وجه جلاديه وظالميه بعد أن فاض صبره ، وسئم من سماع الوعود الكاذبة والتبريرات السخيفة للحكومات المتعاقبة وللتحالف وللقوى السياسية.
ببساطة لا يلام شعب يعيش في جحيم الصيف بفقر وعوز وهو يرى ثرواته تنهب وتحول إلى أرصدة وجيوب كبار الفاسدين من الموظفين في الدولة وأمراء وتجار الحروب والأزمات والمطبلين لهم والمدافعين عنهم.
ليس من حق أحد أن يمنعك من أن تغضب في وجه الظلم وفي وجه القتلة…لكن حذاري من توجيه هذا الغضب ضد الممتلكات العامة أو الاضرار أو تعطيل مصالح عامة الناس.
ينبغي أن تكون سهام الغضب موجهة بدقة وتصويب صحيح باتجاه من يتبنى ويمارس سياسات ووسائل العقاب الجماعي ومن يحميها وينفذها من الفاسدين والمفسدين والمبررين.
ينبغي على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يؤخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن شعب الجنوب وحقوقه المشروعه في التحكم بثرواته وشؤونه العامة.
أما التحالف العربي وعلى رأسه السعودية، فينبغي أن يتحمل مسؤوليته القانونية وفقا للقانون الدولي، بل ومسؤوليته الأدبية والأخلاقية تجاه شعب عربي حر قدم الغالي والنفيس من أجل الحرية والكرامة ليس لنفسه، فحسب، بل وللعرب جميعا.
لقد طفح الكيل ولم يعد هناك متسعا للصبر ولا مجالا للتبرير.