يتسبب مرض الزهايمر في الفقدان التدريجي للذاكرة، وحتى الآن لا يوجد دواء يُمكن أن يُساعد في استعادة الذاكرة المفقودة، فرغم أن الأدوية المعتمدة حديثاً تُبشر ببعض الأمل في إبطاء مسار المرض؛ إلا أنها لا تُعيد الذاكرة المفقودة.
وتسلط دراسة جديدة منشورة في دورية “التحقيقات السريرية” الضوء على بروتين يُمكن استخدامه لإعادة الذاكرة.
وتركز معظم الأبحاث الحالية على ابتكار أدوية من شأنها تقليل البروتينات السامة المرتبطة بالمرض؛ مثل بروتين تاو وأميلويد بيتا، والتي تتراكم في الدماغ مع تقدم المرض.
مسار بديل
في تلك الدراسة الجديدة؛ استكشف الباحثون مساراً آخر، فعوضاً عن محاولة تقليل البروتينات السامة في الدماغ؛ حاولوا عكس الضرر الناجم عن مرض الزهايمر لاستعادة الذاكرة.
ويعتمد العمل على فحص دور بروتين يوجد في الكلى والدماغ، ويُسمى كيبرا KIBRA.
في الدماغ، يتمركز ذلك البروتين بشكل أساسي في المشابك العصبية، وهي الروابط بين الخلايا العصبية التي تسمح بتكوين الذكريات واسترجاعها، وتلعب دوراً حاسماً في نقل الإشارات بين الخلايا العصبية، كما أنها حيوية لعمليات مثل التعلم والذاكرة.
ووجد الفريق أن الأدمغة المصابة بمرض الزهايمر تعاني من نقص في بروتين كيبرا. وهنا؛ تساءل الباحثون عن الكيفية التي تؤثر بها المستويات المنخفضة من كيبرا على الإشارات في المشبك العصبي، وما إذا كان فهم هذه الآلية بشكل أفضل يمكن أن يؤدي إلى ابتكار طريقة ناجحة تُمكنهم من إصلاح المشابك العصبية المتضررة بسبب مرض الزهايمر.
كيف تتكون الذاكرة؟
ويعد تكوين الذاكرة عملية معقدة تتضمن 3 مراحل مختلفة تستلزم تنسيقاً عالي المستوى بين الخلايا العصبية في الدماغ.
في المرحلة الأولى؛ التي تُعرف باسم التشفير، يتم خلالها تحويل المعلومات الواردة من البيئة الخارجية عبر الحواس، مثل الرؤية أو السمع أو اللمس، إلى كود عصبي يستطيع الدماغ معالجته. بعد ذلك؛ يتم نقل الإشارات العصبية إلى مناطق محددة من الدماغ، حيث تُعالج المعلومات، وتُحَوَّل إلى شكل يمكن تخزينه.
وبمجرد تشفير المعلومات، يأتي دور المرحلة الثانية والتي تشمل دمج المعلومات أو تثبيتها للتخزين على المدى الطويل. تتضمن هذه العملية تقوية الروابط التشابكية بين الخلايا العصبية؛ وأثناء عملية الدمج، يتم تقوية الدوائر العصبية المشاركة في الذاكرة من خلال التنشيط المتكرر، ويتم تصنيع بروتينات جديدة لدعم تكوين آثار ذاكرة مستقرة.
أما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة الاسترجاع؛ والتي تحدث من خلال إشارات أو محفزات مختلفة، وفي كل مرة تُسترجع الذاكرة، قد تخضع لعملية إعادة الدمج، والتي تتضمن تحديث وتعديل تتبع الذاكرة بناءً على معلومات أو تجارب جديدة.
ولتنفيذ المراحل الثلاثة؛ يحتاج الدماغ إلى “اللدونة العصبية” والتي تُمثل قدرة المشابك العصبية، والوصلات بين الخلايا العصبية، على التعزيز أو الضعف بمرور الوقت.