تمثل الزيادة السكانية المتسارعة أكبر عائق أمام حركة التقدم في أي بلد، وهذه معضلة تعاني منها البلدان النامية، ومنها بلدان منطقتنا العربية، التي تتفاقم فيها مشاكل الفقر والجهل والصراعات الأهلية. الزيادة السكانية غير المخططة تشكل تحدي جدي أمام جهود البناء والتطور، فمختلف الإمكانات التي ممكن الاستفادة منها في تأمين المستقبل، تلتهمها متطلبات زيادة السكان من خدمات وأمن وغذاء، مما يقود إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية وثقافية متنوعة، فتنخفض جودة التعليم والخدمات الصحية، وتتدنى مستويات المعيشة للمواطن، ويتردى الأمن، وتتناقص إمدادات الغذاء، فتكثر مظاهر العنف والجريمة، ويستشرى الجهل والخرافة، فيساق البلد إلى الحرب الأهلية، فتسقط الدولة، وتنتعش النعرات الضيقة، حتى تصير القبيلة هي البديل الأمثل للدولة.
هناك علاقة طردية مباشرة بين درجة الوعي في أي مجتمع واستفحال المشاكل السكانية فيه، فكلما تدنى مستوى الوعي للمجتمع بمخاطر الانفجار السكاني، ساهم ذلك في زيادة سكانية غير متوقعة، وما يترتب على ذلك من تبعات، وهذا يقودنا للتساؤل الآتي:
من إين يأتي التغيير المنشود هل من أعلى هرم السلطة أم من الأسفل؟. وكيف يمكن التخلص من مشاكل الجهل والتخلف في المجتمع؟. إذا افترضنا أن التغيير يأتي من الأسفل، عبر مؤسسات المجتمع المختلفة، فإنه يستحيل بذلك تحقيق هذا الطموح في ظل الأنظمة الاستبدادية، حيث تفرض تلك الأنظمة توجهاتها السياسية على مؤسسات التعليم والإعلام والثقافة في البلد، لصياغة واقع ينسجم مع طبيعة مصالحها، فيصعب تحقيق التغيير المرجو، وبالمقابل هناك بعض العقبات التي قد تجعل من عملية التغيير من أعلى الهرم مهمة صعبة. فالتغيير إذن يسير في خطين متوازيين، من أسفل إلى أعلى ومن أعلى إلى أسفل في وقت واحد، وذلك بوجود شعب شجاع ومتطلع وقيادة منفتحة على التغيير.