تكمن المصلحة العربية اليوم في العمل على إدارة الصراع السوري من خلال التعاون مع الأكراد في الشمال السوري باعتبارهم إحدى العرقيات التي تقطن المنطقة العربية منذ القدم، وتمكينهم من الحصول على كافة حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية، وعدم السماح لتركيا بتحقيق أي نصر ولو رمزي على أكراد سوريا، لأهمية ذلك الفعل في تقويض النفوذ التركي الآخذ بالتزايد هناك، وإجبار تركيا على مغادرة سوريا.
يقع على عاتق الدول العربية الأكثر حيوية وأعني مصر والإمارات بدرجة أولى، مسؤولية النهوض بهذا الدور الحيوي، فوجود أدوات تركيا على الأرض السورية يهدد الأمن العربي على المدى البعيد، إذ يتعين على القوى العربية الفاعلة العمل على اجتثاث الوجود التركي من مختلف أصقاع المنطقة العربية وليس سوريا فحسب، فأطماع الأتراك في الأرض العربية قديمة متجددة، ولا تقل عن أطماع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ما استجد على أرض سوريا مؤخرا، يدفع باتجاه بلورة موقف عربي موحد كضرورة قصوى، كي لا تتحول منطقتنا العربية إلى ساحة حرب لقوى إقليمية ودولية، فانفراد تركيا بسوريا له تداعيات واسعة على محيطها العربي، ولن تتوقف تلك التداعيات عند حدود معينة، بل ستمتد إلى كامل الجغرافيا العربية، إذ لابد من التعاون على تحجيم النفوذ التركي وعدم تركه يتنامى ويستفحل، فينبغي وعلى وجه السرعة الدفع باتجاه قيام دولة في سوريا يشارك فيها جميع السوريين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية، والعمل مع القوى المعتدلة وتمكينها من المشاركة الفاعلة في إدارة البلد خلال المرحلة الانتقالية، بما يضمن من عودة سوريا إلى محيطها العربي، ويمنع البلد من التحول إلى دولة فاشلة، يصدر أصناف العنف والإرهاب إلى جيرانه.