كم هو مؤلم ومؤسف جدًا ومقزز بل غير مقبول أن يوصل الأمر عند من يتعاملون مع شعبنا في الجنوب اليوم؛ وتحت عنوان ( التحالف ) – وقد دخلت على الخط عُمان وتركيا – وباسم وغطاء ( المساعدات ) إلى درجة التمعن بإهانة أهله وإذلالهم والتشهير بهم؛ عبر توزيع ما تسمى سلال الغذاء والإعانة؛ وهي في جوهرها إذلال ومهانة؛ وجعلها وسيلة سياسية ودعائية رخيصة في وقت واحد؛ من خلال عرضها في الساحات والميادين وهي تحمل شعاراتهم وأعلام بلدانهم وبثها عبر الوسائل الإعلامية المختلفة.
وكأن لسان الحال يقول : هذا ما يليق بكم أيها الجنوبيون وتستحقونه؛ في الوقت الذي بمقدور هذه الجهات ( الداعمة ) تقديم ماهو أكبر وأهم من الدعم وعبر القنوات المناسبة التي تحترم كرامة الناس وكبريائهم؛ وبإمكانها – وهو الأهم – التدخل الحاسم في حل مشكلات الخدمات العامة من كهرباء وماء وغير ذلك الكثير؛ وهذا أمر ملزم لها بموجب توليها الوصاية على اليمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ وليس هبة أو صدقة منها كما تفعل ذلك اليوم.
والمؤسف والمخجل كذلك في هذا الأمر بأن ما توصف بالشرعية هي الأخرى تقف في مقدمة من يمد يده وبإذلال ووضاعة لا مثيل لها؛ لتحصل على نصيبها من ( الإكراميات السياسية ) حتى يكون بمقدورها الإنفاق الباذخ على جهازها القيادي المتضخم؛ والغائب عن الفعل والحضور فيما يخص دوره وواجباته تجاه الشعب المنكوب؛ وحتى تتمكن من التنفس الإصطناعي على سرير الإحتضار المؤكد.
وهي أيضًا من يشرعن ( للداعمين ) هذا الأسلوب المهين للشعب؛ الذي فرضت عليه الظروف القاهرة أن يتقبل ذلك مجبرًا وخجلًا من نفسه ومتحسرًا على ما تفعل به الظروف التي صنعها المتآمرون على حاضره ومستقبله؛ وبمخطط متفق عليه بين أكثر من جهة داخليًا وخارجيًا؛ ومع من تعتبرهم ( الشرعية ) الداعمين لها في معركة ( تحرير ) صنعاء وعودتها المظفرة إليها؛ وهو الذي لم يحصل خلال سنوات عشر مضت؛ وستكون خارج كل الحسابات وسينطبق عليها المثل الشعبي البليغ ( الزوج طلق والصاحب غلب ).
إنها مرحلة عابرة ومؤقتة ولن تبقى قدرًا محتومًا على شعبنا الحر الكريم أن يعيشها أبد الدهر؛ فتاريخه المجيد وحضارته العريقة الممتدة عبر الأزمنة المتعاقبة والمراحل المختلفة؛ تشهد على أصالته وعظمة كبريائه الوطني؛ وقدرته على تجاوز المحن؛ فهو غني بثرواته الهائلة والمتنوعة ويملك من القدرات والوسائل ما يجعله ينهض وبقوة لتحقيق آماله وأهدافه وبناء حياته الآمنة والمزدهرة.
ولن يطول بنا الزمن حتى يدرك من يحاولون إذلال شعبنا اليوم من أنهم قد أخطأوا كثيرًا في حساباتهم وذهبوا بعيدًا في تقديراتهم؛ فالشعب الحر يبقى حرًا حتى وإن تآمر عليه وخذله من كان يعتقد بأنهم صادقون في تحالفاتهم وشراكتهم معه؛ وسيكتشف هؤلاء جميعًا بأنهم قد أصيبوا بالغرور والإستعلاء وبالأوهام الخادعة؛ وسيبقى التاريخ الذي يصنعه الأحرار هو الذي سينتصر في وطننا؛ وسيخلّد في سجل التاريخ الناصع للشعوب الحرة؛ وذلك هو حال شعبنا الجنوبي العظيم.