في ظل تصاعد الأزمات وإزدياد وطأتها وفعلها المأساوي الشامل؛ والتي حولت حياة الناس في الجنوب إلى جحيم لا يطاق؛ وبعد فشل سلطات الشرعية في ذلك وبحكوماتها المتعاقبة وأثبتت عجزها التام؛ بل لا نبالغ ولا نجافي الحقيقة إن قلنا بأن ذلك يندرج ضمن حسابات وأهداف سياسية خبيثة وواضحة تتبناها قوى معادية ومؤثرة داخل تركيبة الشرعية ومازالت وفي مفاصل صنع القرار فيها؛ وأصبحت منشغلة ومهتمة كثيراً بحل أزمات الإنقلابيين وتلبية شروطهم وعلى حساب ما تبقى من موارد الجنوب؛ الذي يعيش أهله في ظروف معيشية قاسية وصعبة للغاية.
لذلك فإن المسؤولية الوطنية تقتضي بالضرورة من المجلس الإنتقالي الجنوبي وبالتفاهم والتنسيق والتعاون مع بقية القوى الوطنية الجنوبية أن يحسم أمره والإسراع في تشكيل إدارة للحكم الذاتي وبمشاركة وطنية واسعة تجسد التوافق الوطني الجنوبي.
فلم يعد هناك ما يمكن إنتظاره من حلول يمكن أن تأتي بها الشرعية القائمة؛ بل ومن غير الممكن الرهان على تغيير سلوكها السياسي إزاء الجنوب وقضيته الوطنية؛ بل أنها لم تفعل ذلك فيما سبق؛ ولن تتعاطى معها مستقبلاً إلا بالحدود التي تفرضها معادلات الحضور السياسي الفاعل والمتعدد الأبعاد والإتجاهات داخليا وإقليميا ودوليا؛ وهو المطلوب اليوم وبإلحاح وأكثر من أي وقت مضى؛ وبما يسند ذلك ويحميه من عوامل القوة على الأرض.
إن حالة بقاء الأوضاع عند حدود ما هي عليه اليوم لأمر مستبعد تماماً؛ فتطور الأحداث وتفاعلاتها المختلفة تتسارع وعلى أكثر من صعيد وتنذر بمخاطر جدية على الجنوب وقضيته؛ وهو مايستدعي القيام بهذه الخطوة الهامة منعاً لحدوث ما هو أسوأ؛ ولوضع الجنوب في المكان اللائق بقضيته الوطنية في معادلات الحل السياسي الذي لن يكون منصفاً مالم يفرض الجنوبيون حضورهم القوي على المشهد السياسي؛ ويكون بإمكانهم القول نعم لهذا الحل؛ أو الرفض وقول كلمة لا قوية وبصوت مسموع وواضح لأي حل لا يلبي أهداف مشروعهم الوطني الذي قدموا من أجله التضحيات الكبيرة والعظيمة؛ والتي لا يمكن بيعها أو المساومة عليها على طاولة التسوية السياسية وتحت أي ظرف من الظروف.