أثبتت الفترة الماضية وبكل تجلياتها العملية والسياسية المختلفة وبما فيه الكفاية؛ بأن عدم الجدية في المواجهة والتصدي لعربدة مليشيات الحوثة وعبر تسويق المبررات الواهية وغير المقنعة البتة لأي متابع أو مراقب لمجريات الأحداث وتطوراتها خلال أكثر من سبع سنوات؛ ومن أن الحسم المؤجل المزعوم إنما هو العنوان العريض والغامض للموقف الحقيقي غير المعلن من الإنقلاب المدعوم إيرانيا؛ وبأن التحجج الغبي أو التستر خلف المواقف الإقليمية والدولية بشأن التعاطي مع حكام صنعاء الإماميين الجدد.
إن كل ذلك يعبر عن أهداف ومواقف راسخة لدى قوى النفوذ والأطماع ( الشمالية ) بالجنوب وثرواته؛ ولإقتناع هذه القوى مجتمعة من أن صنعاء وكل الشمال بيد أهله ولا خوف عليه؛ وأن الجنوب وعاصمته عدن هي التي مازالت خارج سيطرتها؛ ولابد لها أولا من إخضاعها وبكل الطرق والوسائل المتاحة وبتعاون مشترك وثيق مع الإنقلابيين والدلائل والمعطيات والشواهد على ذلك كثيرة؛ ولم يعد هناك من مجال للإعتقاد بأن تأجيل المواجهة مع الإنقلاب هو نتاج ظروف وعوامل أخرى غير التي أشرنا لها هنا بوضوح؛ وأي إعتقاد من هذا النوع إنما هو الوهم بعينه؛ وسيكون لمثل هكذا رأي أو موقف تداعيات خطيرة على الجنوب وقضيته الوطنية.
ولذلك ندعو هنا وبإخلاص كل القوى الوطنية الجنوبية وفي مقدمتها المجلس الإنتقالي الجنوبي إلى أخذ المواقف الجدية والحاسمة التي تتناسب مع هكذا وضع؛ وأن يتم تدارس كل الخطوات الممكنة وبروح وطنية مسؤولة؛ ولعل حث الخطى وإستكمال مرحلة الحوار الوطني الجنوبي ووصوله إلى محطته المنطقية الأخيرة وبأقرب وقت ممكن؛ إنما يشكل ذلك أحد العوامل القوية والضرورية لمواجهة التحديات والمخاطر؛ وبما يمكن ويسهل عملية نزع الإستحقاقات الوطنية الجنوبية وبإرادة وطنية جنوبية موحدة ومقتدرة تستشعر الخطر وتحشد له كل قدرات الجنوب المتاحة وهي كثيرة ومتنوعة وعلى كل الأصعدة والمستويات.
إن كل ذلك لا يحتاج لأكثر من التنظيم وحسن إستغلالها جيداً وبشكل منضبط وبعقلية إستراتيجية بعيدة ردود الأفعال الآنية وعن الأمزجة والعشوائية؛ وأن ينتصر الجميع للجنوب ومستقبله بعيداً عن اية حسابات لأن مصير الجنوب اليوم على مفترق طرق وبيد أهله وحدهم يمكن إنقاذه وتأمين مسيرته الآمنة نحو المستقبل.