القبيلة (دولة مصغرة)، هي البديل للدولة بمفهومها الحديث، تنمو القبيلة وتزدهر في ظل غياب الدولة أو تراجع دورها وانحسار سلطاتها، إذ في حضور الدولة تتلاشى القبيلة وتختفي. الوجود القبلي بمفهومه التقليدي يؤشر إلى وجود دولة هشة، عاجزة عن فرض إرادتها وتطبيق نظامها.
عندما تلجأ الدولة المركزية إلى تمويل النشاطات القبلية المهددة للسلم الأهلي، والتحالف مع بعض القبائل في مواجهة الآخرى، فهذا يعني شيء وحيد وهو أننا أمام حكم عصابة وليس دولة، تحاول بقوة تعميق وجودها وبسط نفوذها، والاستحواذ على موارد ومقدرات البلد.
لم تكتف العصابات الحاكمة في شتى الأماكن والأزمنة في تمرير مشاريعها الضيقة، اعتمادا على البعد القبلي رغم أهميته، بل توظف في أحيان كثيرة البعد الديني وهو الأخطر، لصبغ مشروعها العفن وممارساتها القذرة بشيء من القداسة، سيما في مجتمع محافظ ينساق خلف الدعوات الممزوجة بالدين.
تتباين العصابات السلطوية في سلوكها الاستبدادي وطريقة إدارتها لبلدانها، في حين توجد أشكال مختلفة من عصابات السلطة، منها العائلي والسلالي والعرقي، وقد تتشارك عوائل عدة في اغتصاب بلد ما.
تتميز عصابات الحكم بسمة بارزة تتمثل في تشبثها الشديد بالسلطة، واستبدادها بالقرار، واستعدادها للتضحية بكل شيء بما في ذلك شعبها، في سبيل بقائها على هرم السلطة، وتكمن نقطة ضعفها الحاسمة في عدم قدرتها على الاستقلال بالقرار المصيري للبلد، إذ تميل غالبا لأن تكون تابعة لغيرها.
قيام الدولة الحديثة السبيل الأمثل للخلاص من الحكم البغيض، بمخلفاته الماضوية من استبداد وجهل وظلم.